تزوجت

ذهبت إلى المطبخ وبدأت بتكسير كل الزجاج من صحون وكاسات. حاولت أن أكلمها، لكنها كانت غاضبة جدًا، بل كالمجنونة، تردد: “يا ليتني لم أعرف.” ثم ذهبت إلى غرفة الضيوف وبدأت بتكسير القطع الكريستالية، حيث كانت في حالة هستيرية. أسرعت إليها واحتضنتها، وحاول أبي التكلم معها لكن لم يعد هناك جدوى.
أبعدتني عنها وذهبت إلى غرفتها، أخرجت معطفها ولبسته وخرجت من المنزل وهي تبكي. كان بيتنا في الطابق الخامس وركضت على الدرج. أسرع والدي وراءها كي يلحق بها، وعندما وصل للطابق الثالث وجدها مرمية على السلم ومغمى عليها. صاح لي قائلاً: “أحضري منشفة ومفتاح سيارتي.”
عندما أحضرت له المنشفة، وضعها على رأسها وحملها وذهبنا إلى المشفى. كنت أبكي طوال الطريق وأدعو لها أن تكون بخير فقد كنت أشعر أنني السبب وراء ما حصل.
عندما وصلنا إلى المشفى دخلنا من باب الطوارئ، وأسرع المسعفون لنجدة أمي الحبيبة. رغم كل المحن احتضنني أبي وقال: “مريم، إنها ليست غلطتك يا حبيبتي. كان يجب أن أخبركم من قبل عن زوجتي الثانية وأولادي، ولكنني كنت أعلم أن أمك لن تقبل.”
بدأت أبكي وأقول له: “ماذا سيحصل لأمي؟” وهنا خرج الدكتور من غرفة الإسعاف وقال لأبي: “مع الأسف، الإصابة التي تعرضت لها زوجتك خطيرة جدًا. لديها نزيف داخلي وارتجاج في الدماغ، وهي الآن في غيبوبة. إذا كتب الله لها أن تستعيد وعيها، قد يحصل لها فقدان حاد في الذاكرة. لقد فعلنا كل ما نستطيع وسوف نبقيها في غرفة العناية المشددة. أرجوكم أكثروا من الدعاء لها.” ربت على كتف والدي ومشى.
انهارت أعصابي تمامًا من سماع الخبر. كانت دموعي لا تتوقف من القهر والحسرة على أمي الحبيبة. بعد ست ساعات من الانتظار سمحوا لنا بالدخول إلى غرفة العناية المركزة.
أمسكت يدها وصرت أبكي وأقول لها: “ألا تريدين أن تريني دكتورة؟ ألم تقسمي لي أنك ستقيسين فستان عرسي المستقبلي قبلي كي تثبتي لي أنك دائمًا ستكونين أرشق مني؟ ألم تعديني أنك ستحملين أول طفل لي لمدة يومين بدون توقف بين يديك؟ أرجوك، استيقظي.”
لكنها لم تجبني ولم تستيقظ. أخبرني والدي أنه سيذهب إلى المنزل ليحضر لي ملابس ويرتاح قليلاً ويعود في الصباح. أردت أن أخبره: “لا تذهب، أمي بحاجتك، أمسك يدها واعتذر منها، أخبرها بأنك ستطلق تلك المرأة”، ولكن لساني لم يتحرك.
بعد ذلك، أغمضت عيني قليلاً لكي أحظى ببعض الراحة والنوم، ولكن بدون جدوى. كان صوت جهاز تنظيم دقات القلب يعمل في حركة منتظمة. كنت كلما تخيلت الموقف السابق في المنزل وكيف كانت أمي غاضبة، أسرعت إلى يدها وقبلتها وطلبت منها أن تستيقظ من أجلي. وفي لحظة ما، لم أدرِ كيف تغلب علي النعاس والنوم وأنا أمسك يدها. لم أستيقظ إلا على صوت والدي يوقظني لكي أغير ملابسي. كانت الساعة التاسعة صباحًا.
بعد قليل أتى الدكتور ليكشف على وضع أمي واكتفى بقول إن حالتها مستقرة ورغم غيابها عن الوعي طمأننا عليها وخرج. مر اليوم بسرعة، فأعطاني أبي
النقود وقال لي: “إذا احتجتِ أي شيء، اذهبي خارج المشفى واشتريه.”