تزوجت

ثم غادر.. وعدت وحيدة مع أمي الحبيبة.. كانت أمي لا تتحرك إطلاقًا.. وفي منتصف الليل عندما كانت الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق، غفلت قرب أمي وما هي إلا ثوانٍ حتى بدأ جهاز دقات القلب يصدر رنينًا متواترًا وعاليًا، ثم أصبح صامتًا.. وعم السكون.. كنت مذهولة لحظتها.. بعدها سمعت وقع أقدام الممرضات وهن يسرعن نحو غرفتنا. فتحت الممرضة باب الغرفة بسرعة وأبعدتني عن أمي وأخرجتني من الغرفة.. كنت أسمعها من الخارج تقول: “إن قلبها قد توقف.. أعطني جهاز الصدمات الكهربائية” وبدأوا باستخدامه.. ثم سمعت الدكتور يقول: “احقنها بإبرة أدرينالين”.
اتصلت بأبي ولكن كان جواله مغلقًا.. اتصلت على رقم المنزل الأرضي ولم يرد عليه أحد.. جلست على الأرض خارج الغرفة أنتظر ماذا سيخبرني به الدكتور.. كنت أبكي وأدعو الله أن يشفيها.. وبعد ما يزيد عن الربع ساعة، فتح الدكتور باب الغرفة وكان وجهه عابسًا.. فقال لي: “عظم الله أجرك يا صغيرتي”.. فانفجرت بالصراخ: “لااااااااا أمي” وأسرعت إليها.. فاحتضنتني الممرضة وبقيت بجواري تهدئني.. وأعطتني بأمر من الدكتور إبرة مهدئة.. فنمت وعيني غارقة بالدموع..
وفي الصباح عندما أتى أبي كانت الطامة الكبرى في حياتي.. عندما أتى أبي في الصباح، جرحني جدًا عندما تلقى خبر وفاة أمي. لم يكن حزينًا أو يبكي، بل كأنه كان فرحًا لقضاء الله وقدره.. احتضنني وقال لي: “لا تقلقي يا حبيبتي مريم، أنا موجود”.. صرخت عليه وقلت: “أين كنت موجودًا عندما اتصلت بك وأمي تلفظ أنفاسها الأخيرة؟”.. لم يرد علي وبقي قليلاً في المشفى، ثم خرج كي ينهي أوراق المشفى والدفن.. وبعد أن ذهبنا بها إلى المقبرة، ودعت حبيبتي وغاليتي أمي..
وعندما عدنا إلى المنزل، كانت الفوضى ما زالت موجودة فقمت بتنظيف الزجاج وأحاول أن أشغل نفسي بأي شيء كي لا أشعر بالوحدة.. أنهكت طاقتي في العمل.. وبعد سبع ساعات متواصلة، انتهى المنزل وعاد مرتبًا وأنيقًا.. أتى أبي إلى المنزل وكان كل شيء مرتبًا وجميلًا.. ربما لم يشعر بغياب أمي حتى.. فقال لي: “أنا جائع”.. لم يقل من رتب المنزل أو يشكرني، فقلت له: “لحظة وسوف أصنع لك البيض”.. فقال: “لا أريد بيضًا، أريد أن آكل طبخًا”.. فبكيت وقلت له: “لا أعلم أن أطبخ يا أبي”.. فقال لي: “لا تبكي يا صغيرتي، سوف نأكل البيض”..
وبعد الطعام حدث ما كنت أخشاه.. قال لي: “مريم، والدتك رحمها الله كانت تعلم أنني متزوج وأنتِ أيضًا تعلمين. أنا رجل لا أستطيع أن أربي طفلًا لوحدي”. وأكمل بصوت حازم: “غدًا سوف تحزمين ملابسك وتذهبين معي إلى منزلي الثاني.. فزوجتي وأولادي سوف يحبونك كثيرًا ولن تشعري بالوحدة”.. لم أستطع أن أجيبه بشيء فقد كنت خائفة أن أخسره أيضًا.. دخلت إلى غرفتي أودعها وأودع جدرانها وألعابي.. كنت خائفة كثيرًا ولم أتمنَ أن يأتي الصباح.. ولكن مرت الساعات بسرعة وحل الصباح..